الأخبار الوطنيّة

الرقاب :  مدينة  تطفو على بركة من مياه الصرف الصحي، ولا من مغيث.

 الرقاب :  مدينة  تطفو على بركة من مياه الصرف الصحي، ولا من مغيث.

إلى حدود سنة 2022، لا تزال مدينة الرقاب من ولاية سيدي بوزيد التي يناهز عدد سكانها  50 ألف ساكن والتي تتميز بإنتاجها الفلاحي الوفير والمتنوع، تسبح فوق  بركة من مياه الصرف الصحي إذ تنتشر تحت مبانيها  من منازل ومؤسسات، آلاف آبار الضياع والبالوعات التي تمثل خطرا جسيما على صحة المواطنين.ات وسلامة البيئة والبنية التحتية.

وذلك بسبب تعطيل إنجاز محطة التطهير للمرة 12 رغم توفر التمويل والمكان المناسب. علما وأن ديوان التطهير امتنع عن الشروع في إنجاز المحطة بسبب وجود قائمة مواطنين معارضين.

نسعى من خلال هذا العمل الصحفي إلى الوقوف على الأسباب الكامنة وراء تعطيل انجاز هذا المشروع رغم أهميته.

WhatsApp Image 2022-03-10 at 2.18.09 PM.jpeg

صيحة فزع أهالي الرقاب : إلى متى تستمر الكارثة؟

لا تكاد تمر ساعة أو أقل حتى تسمع ضجيج محركات شاحنات تفريغ آبار مياه الصرف الصحي وتتسرب إليك روائحها الكريهة لتعكر صفوك وتخنق أنفاسك وتهاجمك فيالق البعوض السام.

هذه هي المعاناة اليومية لأهالي مدينة الرقاب، كما أن لهذه الروائح وللسعات البعوض آثار خطيرة على صحة المتساكنين.ات كالأمراض التنفسية والجلدية، إلى جانب إمكانية تسرب هذه  المياه الملوثة إلى آبار مياه الشرب وتسببها في مرض الفيروس الكبدي. 

ثم أن صهاريج هذه المياه الملوثة تلقى عشوائيا في أماكن مختلفة دون معالجتها.

شهادات من المتساكنين.ات

إحدى المواطنات في مدينة الرقاب نقلت إلى المستشفى 3 مرات بسبب الروائح الكريهة المتسربة من آبار مياه الصرف الصحي كما اضطرت إلى نقل مقر عملها نجاة بصحتها، في هذا التسجيل تروي لنا حجم معاناتها 

ناهيك عن الأضرار الصحية والبيئية، فإن كلفة تفريغ هذه الآبار تثقل كاهل المتساكنين.ات نظرا لثمنها المرتفع.  

أما بالنسبة للمقاهي والمطاعم والمسلخ البلدي والمستشفيات والمصحات كمصحة تصفية الدم ” والمؤسسات التربوية فإن كلفة التفريغ مضاعفة. حيث يضطر مديروها إلى تخصيص اعتمادات خاصة بالميزانية رغم ضعفها.

WhatsApp Image 2022-03-10 at 2.18.35 PM.jpeg

فيما يلي شهادات من مديري معهدي الرقاب والطاهر حداد يوضحان تأثير غياب محطة التطهير على المؤسسات التربوية وعلى البيئة عموما.

أي دور للسلط المحلية في حلحلة المشكل؟ :

 إزاء هذا الإشكال، توجهنا إلى السلط المحلية ممثلة في المعتمد والبلدية.

عند سؤالنا للسيد المعتمد  محمد علي عن موقفه من هذه الوضعية المعقدة، أبدى لنا تفهمه لخطورة الوضع وحرصه على حله وقد وعد بتنظيم يوم إعلامي بهدف المزيد  من التحسيس بأهمية إنجاز محطة تطهير وتوحيد جهود المواطنين والسلط المحلية والمجتمع المدني. موليا أولوية للتفاوض والإقناع لمعارضي المشروع على الاتجاه نحو الحل الأمني.

أما بالنسبة للبلدية فقد أوضح الكاتب العام عمر بن سلطان  أن البلدية متضررة من غياب محطة التطهير حيث تعطلت المشاريع التنموية التي تستوجب وجود شبكة تطهير مثل المنطقة الصناعية والتعبيد المغلف ‘ en robé” والمشاريع الاستثمارية الصناعية.

 مؤكدا أن البلدية بذلت كل ما بوسعها لإنجاز المحطة، كتوفير الوثائق  الخاصة باقتناء قطعة الأرض والتواصل مع المعترضين ومحاولة إقناعهم بشتى الطرق. ثم أحالت الأمر إلى السلط الجهوية والمركزية المعنية. وأردف عمر بن سلطان أن هذا الوضع المعقد يتجاوز إمكانات وصلاحيات البلدية معلقا أنه ينتظر معجزة لإنجاز المشروع.

دور محتشم للمجتمع المدني 

المجتمع المدني في الرقاب يعرف بحضوره ونشاطه المميزين ،إلا أنه لم يرتق تجاه هذا المشكل، بأحزابه ومنظماته وجمعياته إلى مستوى الضغط الإيجابي والفعلي على السلط المحلية والمعترضين، إذ لم تتجاوز محاولاتهم تقديم لائحة دعم إلى البلدية عبروا فيها عن استعدادهم للتعاون وتوفير جميع الظروف الملائمة واعتماد الحوار مع جميع الأطراف للإقناع وتوضيح أهمية المشروع بالنسبة للمنطقة دون المضي قدما في تطبيق هذا الدعم على أرض الواقع. 

WhatsApp Image 2022-03-10 at 2.19.11 PM.jpeg

وقد كان لجمعية الموارد الطبيعية والتنمية محاولات منذ سنة 2013،  سعت  من خلالها إلى إيجاد الحل عن طريق  إنجاز دراسات ميدانية حول الأمكنة المناسبة  بيئيا لاحداث المحطة وتنظيم حملات توعوية حول أهمية المشروع على حد قول عضو جمعية ARND سالم صياحي :

  أسباب متداخلة وراء تعطيل إنجاز محطة التطهير

على عكس ما ذهبت إليه أول مرة  في أن التعطيل ورائه فقط المنتفعين من إفراغ آبار الضياع. حيث تواصلت مع أحد المنتفعين وقال انه يجد صعوبة في التخلص من مياه الصرف الصحي ويتعرض إلى مضايقات من وزارة البيئة ومطاردة المواطنين. مؤكدا توتره و انزعاجه من هذا الوضع. 

ومن خلال لقائي مع مختلف الأطراف تبين أن تعطيل إنجاز المحطة يعود لأسباب مختلفة ومتعددة منها أنها ستكون مماثلة لمحطة سيدي بوزيد المدينة القديمة التي تكاد تنعدم فيها المعالجة والتي كانت مصدر روائح كريهة وتلوث بيئي، واعتبار أن وجودها بجهة معينة هو عبارة عن إساءة لمتساكنيها. إضافة إلى انعدام ثقة المواطن في أن الدولة ستنجز هذا المشروع بمواصفات تحترم البيئة وتضمن استمرار صيانتها الدورية. إلى جانب تقصير الدولة  وتراخيها  في تطبيق القانون وفي  التدخل لإيجاد الحل وتفضيل المصحلة العامة عن المصلحة الخاصة. WhatsApp Image 2022-03-10 at 4.06.08 PM.jpeg

 إلقاء مياه الصرف الصحي عشوائيا  على قارعة الطريق أو في  البرك المحدثة للغرض أو في الحقول هي كارثة بيئية بأتم معنى الكلمة. في حين أن محطة التطهير من الجيل الثالث تمكن من معالجة هذه المياه وتثمينها بطرق مدروسة توفر المياه الصالحة لري المساحات الخضراء والأسمدة العضوية وخلق مواطن شغل جديدة

WhatsApp Image 2022-03-10 at 2.19.50 PM.jpeg

فإلى متى يغض المسؤولون الطرف عن هذه الكارثة البيئية؟ فمن غير المعقول أن تترك مدينة بحجم الرقاب دون محطة تطهير. وإلى متى يتواصل تعطيل انجاز المشروع؟

  وهل ستتحمل الدولة مسؤوليتها لإنقاذ صحة المواطنين وحماية البيئة؟.

إعداد آية سليمي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى