أخبار الجريد

 بلدية حزوة: “العشوائيات “ وأمل التمتع بالحق في الحياة

بالرغم من قلة كثافتها السكانية تعيش حزوة منذ سنوات اكتظاظا سكنيا كبيرا  يعود ذلك  للموقع الجغرافي للمدينة  فمركز المدينة يقع بين هضبة وواحة ،ووجد  السكان أنفسهم محاصرين و غير قادرين على التوسع في البناء.

 و يعتبر الحق في السكن حقا اقتصاديا و اجتماعيا. فالمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تعترف بالحق في السكن كجزء من الحق في مستوى معيشة لائق أو كافٍ حيث جاء فيها:
“لكل شخص الحق في مستوى من المعيشة كافٍ للمحافظة على الصحة والرفاهية له ولأسرته. ويتضمن ذلك التغذية والملبس والمسكن والعناية الطبية وكذلك الخدمات الاجتماعية اللازمة”
ونظرا للاكتظاظ الذي تعيشه مدينة حزوة فالعديد من المتساكنين وخاصة المقبلين منهم لى الزواج ، بصدد البحث عن أراضي لبناء مساكنهم فيها سواء  بحثا عن الاستقلالية  او حتى بسبب صغر منازل العائلات و كثرة الافراد القاطنين فيها.
و نظرا لغياب السياسات الاسكانية و الانمائية في تونس وجد المواطنون في حزوة أنفسهم غير قادرين على شراء أراضي سكنية و ذلك لعدم تفويت أو بيع وزارة املاك الدولة الاراضي  للسلط المحلية في حزوة.مما تسبب في تنامي ظاهرة الحوز العشوائي للأراضي والبناء الفوضوي الذي أدى إلى  تحولات عمرانية و إنشاء مناطق سكانية جديدة في حزوة .
لقيت هذه الظاهرة اوجها خاصة بعد ثورة 2011 لتتواصل حتى بعد احداث حزوة بلدية سنة 2018 .وقد أدت هذه العمليات من الحوز إلى تكوين أحياء و أنهج جديدة يسكنها اليوم حوالي 350 عائلة. و يواجه المواطنون اشكالية قانونية لاثبات ملكية الاراضي التي يسكنوها. و بما أن البلدية لم تستكمل  صفقة شراء هذه الاراضي من وزارة أملاك الدولة بعد ،ارتأى المجلس البلدي توقيع التزام على المواطنين لخلاص معلوم هذه الاراضي بعد شرائها من الوزارة و ذلك لتمكينهم بالتزود  بشبكات الكهرباء و المياه. 

سعت البلدية عبر هذا الالتزام الى تمكين المواطنين من ترخيص مبدئي يمكنهم من ادخال شبكات الكهرباء. و بالرغم من انشاء 4 محولات كهربائية في هذه الاحياء إلا أنها لم تر النور الى يومنا هذا ،ولم يتم توصيل المنازل بالكهرباء بعد ،ورغم أن أغلبية المواطنين قد وقعوا على الالتزام ، لم تشرع شركة الكهرباء و الغاز بعد في تشغيل المحولات الكهربائية،علما أن بلدية حزوة تفتقر الى فرع للشركة وقد يعد هذا أحد أساب تعطل تمتع  هاته العائلات المحرومة. بحقهم في الإنارة. 

وتفتقر هذه الاحياء للتهيئة العمرانية من مد بشبكات المياه و الكهرباء والطرقات . و هو ما يجعل ظروف احياة المواطنين قاسية جدا،علماو أن أغلب سكان هذه الأحياء هم من الفئات المهمشة ، على غرار العم محمد الطيب وخميس والمنجي و العديد من المتسكانين الآخرين الذين يعانون ضنك العيش ناهيك عن عدم تمتعهم بمقومات كرامة الإنسان فهم عطشى و المياه الصالحة  للشرب تبعد عن منازلهم بعض الأمتار .

46 هكتارا ل800 عائلة

 استاء المواطنون في هذه الاحياء مما وصفوه من تراخي للسلطات المركزية و المحلية  في ايجاد حلول سريعة لفك عزلتهم و تحسين ربطهم بالشبكات و إنشاء الطرقات،فالبرامج و المشاريع السكنية لم تحض بإهتمام صانعي السياسات ولا صانعي القرار في تونس،على حد قولهم.
حيث تواجه العديد من البلديات وخاصة البلديات المحدثة ، ومنها بلدية حزوة،  اشكالات عديدة في ما يخص الشأن العقاري و الاراضي الدولية التي هي تحت تصرف وزارة أملاك للدولة. و هو ما يحيلنا إلى إشكال مدى نجاعة اللامركزية بالنسبة للبلديات في تونس. فبلدية حزوة  قامت بدراسة إشكال هذه الاراضي مع السلطة المركزية ومدى استجابتها للمواطنين وخاصة الفئات المهمشة ومدى احترامها  لمقاربة النوع الاجتماعي لسكن لائق غير معزول.

تقدر مسافة الاراضي  المزمع شراؤها  من طرف بلدية حزوة من وزارة املاك الدولة46 هكتارا، تبلغ قيمتها  تقريبا مليون و خمسمائة الف دينار. من المنتظر أن ينتفع منها قرابة ال 800 عائلة من بينهم  العائلات القاطنة في هذه الاحياء الجديدة على غرار حي التعمير 2 و حي الهناء وحي النسيم. 

في المقابل يطالب البعض الاخر من المواطنين بمتابعة و مراقبة التوسع غير القانوني للمساكن و الاحياء و ما ينجر عنه من مشاكل جوار و من استعمال عشوائي لمواد البناء .فتأخر الاتفاق بين البلدية و وزارة أملاك الدولة تسبب بطريقة غير مباشرة في تنامي الخلافات بين المواطنين.وذلك نتيجة انتشار الحوز العشوائي .

في انتظار التنفيذ…

 قرر المجلس البلدي في حزوة تخصيص ميزانية تقدر ب 80 الف دينار من البرنامج الاستثماري التشاركي و 100 الف دينار من برنامج التنمية الجهوية  وذلك لربط هذه الاحياء بشبكات المياه. حيث أن أكثر من 200 عائلة معزولة  حرمت من الربط بشبكات المياه، منهم من يتكبدون مصاريف مادية و مسافات تنقل للتزود بالمياه. علما أن أغلب هذه العائلات هي من الفئات محدودة الدخل. 


إن الفشل في تحديد حقوق حيازة الأرض وإصلاح سياسات الأراضي  يسهم في انتشار الحوز العشوائي و عدم تحديد الممتلكات قانونيا، مما يجعلها بعيدة عن متناول ضعاف الحال في المناطق الحضرية. وقد أدت هذه الفجوات بالفعل إلى إنشاء مناطق سكنية عشوائية ضخمة في العديد من المدن في تونس عموما،والأمر ذاته كما بينا في التقرير في بلدية حزوة ، ووفقا لتقرير البنك الدولي فإن الأولوية القصوى للمدن الأفريقية لتوفيربيئة حضرية ترتفع فيها مستويات تحمل نفقات الحياة والقدرة على العيش فيها تتمثل في إضفاء الطابع الرسمي على أسواق الأراضي، وتوضيح حقوق الملكية، ووضع تخطيط حضري فعال.

وفي انتظار تطبيق قرار المجلس البلدي سنوافيكم بتقرير تكميلي حين يتمتع سكان المنطقة من حقهم في السكن والعيش الكريم في بلدية حزوة،حلول قد تنهي ولوجزئيا-ان طبقت- مشاهد من العصر البدائي في عصر التطور العمراني والفكري والتكنولوجي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى