البيئة

تناقص أعداد الدببة القطبية في كندا بشكل ملحوظ – التنوع البيولوجي

أظهر مسح حكومي جديد للحيوانات آكلة اللحوم أن الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بكندا (عند الحافة الجنوبية من القطب الشمالي) ما زالت تموت بأعداد كبيرة، وتواجه الإناث وصغار الدببة بشكل خاص فترة عصيبة من تاريخها.

عاصمة الدببة القطبية

وأجرى الباحثون هذا المسح في خليج ويسترن هدسون حيث تقع بلدة “تشرشل”، التي تعرف باسم “عاصمة الدببة القطبية في العالم”.

وتقطع بلدة تشرشل طريق هجرة هذه المفترسات الكبيرة التي تسافر على طول الساحل حتى تصل إلى منطقة صيدها في خليج هدسون، حيث تبحث عن الفقمة في الجليد.

وعلى الرغم من أن موسم الصيد يستمر حتى الخريف (عندما يبدأ الجليد في التكوّن بعد شهور من ذوبانه في الصيف)، فإن الدببة القطبية تحيط بالمدينة على مدى العام.

وكانت تشرشل موطنا لسكان “ديني” (Dene) و”كريي” (Cree) الأصليين لأكثر من 1500 عام. واستوطن الأوروبيون البلدة لأول مرة في القرن الـ18، واعتبروها مركزا لتجارة الفراء.

وعلى مدى المئتي عام اللاحقة، كانت هذه البلدة ميناء وقاعدة للجيش الأميركي في الحرب العالمية الثانية ، كما كانت موقعا لمنشأة بحثية تهتم بفحص الشفق القطبي والغلاف الجوي العلوي.

تقلص ملحوظ

وقُدر عدد الدببة في عام 2021 بـ618 مقارنة بـ842 دبا في عام 2016، وفقا لآخر مسح جوي تم إجراؤه. وبحسب التقرير الذي نشرته وكالة “أسوشتيد برس” (Associated Press)، يقول أندرو ديروشر -أستاذ علم الأحياء بجامعة ألبرتا (University of Alberta) غير المشارك في المسح والذي درس الدببة القطبية في خليج هدسون لما يقرب من 4 عقود- إن الانخفاض الفعلي أكبر بكثير مما كان متوقعا.

وكان البشر مصدر تهديد رئيسي لهذه الدببة التي كانت تمثل لهم مصدر إزعاج خطير يجب التعامل معه بلا هوادة. ولذا، كان من الشائع إطلاق النار عليها، لكن هذا الموقف بدأ في التغير مع نهاية السبعينيات، عندما بدأ السياح -الذين كانوا يزورون البلدة في الربيع لمشاهدة الطيور- بالتساؤل عن إمكانية زيارتها في الشتاء لمشاهدة الدببة.

وأنشأت السلطات المحلية عام 1982 برنامجا لحماية الدببة من القتل، وذلك بحث السكان على عدم المشي في الطرق التي ترتادها الدببة بشكل كبير. كما تم وضع خط ساخن للإبلاغ عن أي حادثة محتملة.

وعلى الرغم من ذلك، فإن المسح الحديث وجد أن أعداد الدببة قد انخفضت في هذه المنطقة منذ ثمانينيات القرن الماضي بنحو 50%. إذ أرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى تقلص الجليد الضروري لبقائها على قيد الحياة.

خطر داهم جراء التغير المناخي

وتعتمد الدببة القطبية على الجليد البحري في القطب الشمالي (مياه المحيط المتجمدة) والذي يتقلص في الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة ويتشكل مرة أخرى في فصل الشتاء الطويل، وتستخدم الدببة هذا الجليد في الصيد، إذ تجلس بالقرب من الثقوب الموجودة في الجليد لاستكشاف الفقمات.

ونظرا لارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بوتيرة أسرع مرتين من بقية أنحاء العالم بسبب التغير المناخي، فإن الجليد البحري يبدأ بالذوبان في وقت مبكر من العام، ويستغرق وقتا أطول حتى يتجمد مرة أخرى في الخريف.

وقد خلف ذلك العديد من الدببة القطبية التي تعيش وتطارد فرائسها وتتكاثر على كمية أقل من الجليد. ويشير الباحثون إلى أن تعداد الوفيات بين إناث الدببة وصغارها -على وجه الخصوص- في غرب خليج هدسون ينذر بالخطر.

وفي هذا الصدد، يشير ستيفن أتكينسون -قائد المسح الذي درس الدببة القطبية لأكثر من 30 عاما- إلى أن “هذه هي أنواع الدببة التي لطالما توقعنا أنها ستتأثر بالتغيرات البيئية”.

ويعاني الإناث وصغار الدببة خصوصا من التغير المناخي، لأن صغار الدببة تحتاج إلى الطاقة للنمو ولا يمكنها البقاء على قيد الحياة لفترات طويلة دون طعام كاف، كما تكافح إناث الدببة نظرا لما تنفقه من الكثير من الطاقة في رعاية وتربية النسل.

ويختتم أتكينسون بأن “قدرة الدببة القطبية في غرب خليج هدسون على التكاثر ستتضاءل. إذ إن القليل منها سيمكنه العيش والبقاء حتى سن البلوغ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى