أخبار الجريد

الفلاح محمد الأمين العشي يخوض معركة استعادة البذور المحلية الاصيلة واسترجاع موروث زراعي قادر على الصمود في وجه التغيرات

<img src=http://www.babnet.net/images/2b/65df7e76df2515.79072608_mkhlqngofjeip.jpg width=100 align=left border=0>

(وات/ تحرير صالحة محجوبي) – كغيره من مئات المزارعين في تونس، يخوض العمّ محمد الأمين العشي، وهو فلاح بواحة حامة الجريد من ولاية توزر، معركة استعادة البذور المحلية الاصيلة من خضر وغلال وأصناف تمور، معركة حتمتها الظروف المناخيّة المستجّدة والحاجة إلى استرجاع موروث زراعي قادر على الصمود في وجه التغيرات وتوفير الغذاء السليم للأجيال القادمة.

في حقله بالواحة القديمة التي لا تبعد سوى بضعة أمتار عن قرية حامة الجريد، يجدّ هذا الفلاح في عمله طوال اليوم بين تنظيف وتلقيم وتقليب التربة والبحث عن حلول وأدوية بيولوجية، وتحدّث لصحفيّة “وات” عن تجربته قائلا: “انطلقت منذ سنوات في استعادة ممارسات فلاحية قديمة متوارثة عن الأجداد، فتوليت تجديدها وتأكيد فائدتها بانتهاج طريق البحث العلمي”، ويتابع “كرست جهدي للتنظيف وردم الأرض بتربة جديدة، وتثمين مخلفات الواحة، فكانت نتائج التجارب الاولى مشجعة من حيث خصوبة التربة والوقاية من الامراض”.

نتائج دفعت العم الأمين الى دخول مرحلة جديدة في الحفاظ على واحته، فقد أصبح همّه بعد أن اكتسب خبرة في طرق التخصيب والوقاية من الآفات، يتمثّل في إعادة البذور المحلية الاصلية لمهدها وتربتها، فانطلق باحثا لدى بعض الفلاحين والمركز الجهوي للبحوث في الفلاحة الواحية عن بذور الطماطم والفلفل والقناوية والملوخية والخيار والخضروات الورقية، حتى تمكن من استعادتها بل أصبح منتجا للبذور ومزودا لبقية الفلاحين بها، حسب تأكيده.

وعمل كذلك على اكثار الأشجار المثمرة الواحية وخاصة التي تميز واحة حامة الجريد على غرار العنب والرمان والتين، وأدخل بذور خضروات من بلدان تشبه حامة الجريد من حيث المناخ كالسودان حيث نجحت تجربته في غراسة الجرجير (من الخضروات الورقية)، مشيرا إلى أنّه عايش منذ صغره الواحة وما تنتجه وكيف كانت حامة الجريد بوابة لترويج الخضر والغلال في منطقة الجريد والجهات القريبة منها.

وتعدّدت تجاربه فركّاز بيوت محمية لإنتاج خضروات بيولوجية موظّفا المستسمد الطبيعي الذي يتولى انتاجه بنفسه من مخلفات الواحة كجريد النخيل الجاف، وبقايا الأشجار المثمرة والاعشاب والتمور الجافة، والاسمدة العضوية لأغنامه، تقنية لم يبتكرها ولكنه استفاد من ممارسات سليمة رآها قديما في الواحة وثمنها البحث العلمي في الوقت الراهن وفق قوله.

كما استفاد العم الأمين على غرار مجموعة من فلاحي حامة الجريد من تدخلات جمعية إيطالية نفذت مشروعا لإحياء الواحة القديمة وتحفيز الفلاحين على العودة للعناية بضيعاتهم سواء بالتكوين والاحاطة أو بتوفير التمويلات والبذور الضرورية، زيادة على انخراطه في مشروع سوق الرحبة 2 المنجز عن طريق جمعية المنحلة للمواطنة الفاعلة بتوزر باعتباره مزوّدا للسوق بكميات محترمة من الخضروات.

واختار محمد الأمين العشي أن يشارك تجربته مع فلاحي منطقته ومع فلاحي الواحات في جهات تونس الأخرى ولم يبخل بتقديم النصائح والنتائج التي توصل إليها من زراعات متنوعة ومقاومة للحشرات وإنتاج المستسمد الطبيعي البيولوجي لتخصيب التربة، بما أهّل ضيعته لأن تصبح ضيعة نموذجية.

وأكّدت سهام سعد رئيسة مصلحة بالمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية أن المندوبيةاختارت ضيعة محمّد الأمين العشّي للتعريف ببعض التقنيات الزراعية ولحث الفلاحين للاقتداء به موضحة لصحفية “وات” أنه من بين الفلاحين القلائل في الجهة الذي نجح في انشاء بنك للبذور المحلية الاصيلة انطلاقا من غراساته وهي عملية تخلّى عنها معظم الفلاحين، حسب تأكيدها.

واعتبرت أنّ هذا الفلاح يمثّل نموذجا مجتهدا في مجاله، وقد أبدى استعداده لخوض تجارب أخرى تتعلق بتحسين انتاج الواحة وحمايتها بالطرق البيولوجية.


   تابعونا على ڤوڤل للأخبار googlenews




مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى